بني نحو القرية المندثرة




تقع قرية ” بني نحـو” شرق مدينة الهفوف على بعد كيلو متر ونصف   تقريباً ، وعلى بُعد  بضع مئات مترات شمال غربي قرية ” بني معن “، ويتوسطها اليوم الطريق المؤدي إلى قرية بني معن ، ويقع الجزء الأكبر من القرية غرب الطريق ومنه مسجد أحمد الصالح وقصر عنبر بالإضافة إلى المساحة الخالية لموقع بيوت القرية ، في حين يقع الجزء الأصغر من هذه القرية شرق الطريق ومنه عين الوطية وعين أم الخيس وقصر أم الخيس ” قصر سعد القصيبي “، وقد بقيت أطلال هذا القصر قائمةً إلى زمنٍ قريب ثم أُزيلت وكذلك عين أم الخيس دُفنت بحجارة هذا القصر.

وموقع القرية ملاصق لطريق الهفوف _ المنصورة حالياً ، وكانت واقعة داخل المنطقة المزروعة خلافاً لمعظم القرى التي تتخذ موقعاً قريباً من حافة الأرض المزروعة من أجل تجنب استنفاد التربة الزراعية.

وكان معظم بيوت تلك القرية على هيئة عِشش وأكواخ ما عدا عددٍ قليلٍ من البيوت المبنية بالطين والتي يملكها أغنياء تلك القرية كعائلة الصالح وكقصر أم الخيس لسعد القصيبي ، وكان مسجد أحمد الصالح كذلك مبنياً من الطين.

وكون معظم تلك البيوت على هيئة عشش وأكواخ ربما كان السبب وراء سرعة زوال أطلال تلك القرية . وكان الفاصل الجغرافي بين قرية بني نحو وقرية ” أم مازن ” (مجرى ماء سليسل سابقاً).

وهنا علينا أن نفرق بين ” بني نحو ” القرية وبين ” بني نحو ” المنطقة ، إذ أن الأولى عبارة  عن رقعة سكنية مستطيلة الشكل تقريباً تتجلى لنا اليوم بمنطقة خالية لا تتجاوز مساحتها2كم2 ، محدودة شمالاً بالطريق المؤدي إلى الجبيل والمنصورة حالياً ، وجنوباً بالرقعة الزراعية ، وشرقاً بعين أم الخيس وعين الوطية وشرب السلطان ، وغرباً محدودة بالرقعة الزراعية .

ويعتقد أن الرقعة الزراعية الحالية قد طغت كثيراً على مساحة المنطقة السكنية السابقة.

أما ” بني نحو ” المنطقة فهي عبارة عن رقعة زراعية كبيرة تضم تلك الرقعة السكنية ويرى ” فيدال ” أنها تبدأ من قُرب عين الخدود وعين الحقل إلى قُرب قرية بني معن من الغرب إلى الشرق ، ومن حدود مجرى سليسل سابقاًإلى قُرب عين اللويمي من الشمال إلى الجنوب ، حاوية لعدد كبير من العيون الوفيرة بالمياه ، كما سنذكره لاحقاً في حديثنا عن الثروة المائية لهذه المنطقة .

بني نحو في بطون الكتب

بعد البحث المضني الذي قمت به للبحث عن هذه القرية في المصادر والمراجع القديمة والحديثة لم أعثر على ذكر لها إلا في كتب قليلة وبإشارات بعضها عابرة من مؤلفيها ، وإليك هذه النصوص حسب أقدميتها: –

أولاً: كتاب “دليل الخليج” لمؤلفه ” J . G . LORIMER ” ( لوريمر ) والذي زار المنطقة قبل عام 1880 م تقريباً ، وتُرجم عن طريق ( مكتب الترجمة بديوان حاكم قطر ) حيث ذكر في حديثه عن سنجق الحسا قائلاً :

“بني نهو “/ الموقع على بعد ميل شرقي الهفوف على بعد مسافة قصيرة من طريق الجشةـ الهفوف.

الطبيعة والسكان/قرية صغيرة بها 20 منزل للشيعة.

ملاحظات :

تردت حالة هذا المكان بصورة كبيرة ، ولكن أراضيه لا تزال تُروى ،وتقع ينابيع حقل ، وأم الليف وقصيبة واللويمي وبرابر ، ويقع نبع منصور إلى الجنوب الشرقي منها مباشرة.

ثانياً:كتاب “واحة الأحساء” لمؤلفه “فيدريكو شمد فيدال” والذي انتهى من تأليفه سنة 1952م تقريباً عندما كان يعمل في شركة أرامكو مستفيداً من الفرصة التي أُتيحت له عندما طلبت الحكومة من الشركة رشّ الواحة بالمبيدات ضد البعوض والحشرات ، فقام بدراسة ميدانية للمنطقة ، فقال في حديثه عن قرية بني معن : (…هناك عددٌ من المنازل التي تبدو إلى حد ما أنها بُنيت حديثاً ، من قِبلِ أشخاصٍ نزحوا إليها من قريةِ بنو نحو ، وقرية بنو نحو* قرية صغيرة أشار إلى وجودها معظم الرحالة الغربيين المبكرين الذين زاروا الأحساء ، لكنها الآن مجرد موقعٍ خالٍ يقع على بعد كيلو متر غربي قرية بني معن ويسهل تحديد موقع قرية بنو *نحو بسهولة ، وقد أشار إليها” لوريمر” كقرية موجودة في زمنه وأنها كانت تضم عشرين منزل للشيعة .وأنها بالفعل في طريقها للخراب.

ثالثاً: “المعجم الجغرافي ”   لمؤلفه الأستاذ حمد الجاسر والذي زار المنطقة للتدريس فيها عام 1358  هـ حيث قال:

بني نحو : قرية صغيرة تقع على مسافة ميل شرقي الهفوف بقرب الطريق إلى الجشة فيها عشرون منزلاً للشيعة وقليل من النخيل وكثير من العيون مثل : (أم الليف ) و (غصيبة) و (اللويمي) وعين (برابر) في جنوبها وعين (منصور) في الشرق منها.

وقد أوشكت هذه القرية على الزوال بسبب تغير وسائل الري وضعف ماء العيون .

رابعاً: كتاب” تحفة المستفيد في تاريخ الأحساء في القديم والجديد “لمؤلفه محمد بن عبد الله آل عبد القادر ، المطبوع سنة1379 هـ.

حيث قال في معرض ذكره للأنهار المتفرعة من عين الخدود (…ويتفرع منها خمسة أنهار:

النُقبة جر النهرين وينقسم إلى قسمين جر ضويغط وجر بني نحو،وبنو نحو بطن من إيـاد.).

خامساً:كتاب ” منطقة الأحساء عبر أطوار التاريخ ” لمؤلفه خالد بن جابر الغريب ، الذي ألفه سنة1404 هـ ، وقد نقل في حديثه عن بني نحو مقالة      ( لوريمر ).

سادساً : كتاب ” أعلام هجر” لمؤلفه السيد هاشم الشخص ، حيث ذكر في حديثه عن بعض القرى قائلاً:

بني نحو : قرية صغيرة كانت آهلة بالسكان ثم رحل عنها أهلها ولا وجود لها اليوم.

سابعاً : كتاب ” تاريخ هجر” لمؤلفه عبد الرحمن الملا ، حيث ذكر القرية ونقل مقالة صاحب ” تحفة المستفيد” (أنها بطن من إيـاد).

ثامناً: كتاب ” صفحات من تاريخ الأحساء ” لمؤلفه عبد الله الشباط ، حيث ذكر أن عدد سكان بني نحو عشرون نسمة.

وأحسبه متوهماً في ذلك لأنه ينقل مقالته عن كتاب ” دليل الخليج ” ، ودليل الخليج  يذكر أن بها عشرون منزلاً ، ولا يعقل أن كل منزل لا يحوي سوى فردٍ واحد!.

تاسعاً: كتاب ” مطلع البدرين في تراجم علماء الأحساء والقطيف والبحرين ” لمؤلفه الحاج جواد بن الحاج حسين آل الشيخ علي آل رمضان الأحسائي ، حيث ذكر في حديثه عن أسرة الخليفة في ترجمته للشيخ حسن الخليفة : ( آل خليفة وهم يرجعون في أصولهم إلى ربيعة بن نزار من العدنانيين شأنهم شأن غالبية أهل المنطقة . وكانوا يسكنون قرية بني نحو قبل خرابها في أواخر القرن الثالث عشر الهجري وبعد خرابها سكنوا الرفعة الشمالية).

استقراء النصوص

باستقراء تلك النصوص نستخلص الآتي :

أولا : عندما اطلعت على ما كُتِبَ عن الأحساء لم أعثر على ذكر لهذه المنطقة في الكتب القديمة ؛ كمعجم البلدان لياقوت الحموي ، و معجم ما استعجم  للبكري ، ووصف جزيرة العرب للهمذاني ، وحتى كتاب تهذيب اللغة للأزهري بالرغم من مكوثه في المنطقة سنتين بسبب وقوعه في أسر القرامطة ؛ حيث قام بتدوين  أسماء الأمكنة والقرى الموجودة المنطقة في معجمه.

وهذا يحتمل أحد ثلاثة أمور :

(1)   أن أولئك الكتاب لم يشملوا بحديثهم عن المنطقة وقراها كل الأماكن في  الأحساء .

(2)   أنها كانت تسمى باسم آخر.

(3) أنها لم تكن موجودة  آنذاك .

لكن الاحتمال الذي أميل إليه هو أن منطقة ” بني نحو ” كانت تُسمى في السابق باسم آخر لعله أحد عشرات  الأماكن الواقعة في واحة الأحساء والتي لا يعرف الجغرافيون موقعها على وجه التحديد . وربما كانت آنذاك مستثمرة اقتصادياُ ثم سُكِنت كما هو الحال مع زميلتها قرية بني معن ؛ حيث كانت إقطاعا زراعياً للأمير معن بن جعفر العيوني ، ثم سُكِنت، ولعل منطقة ” بني نحو ” سمُيت كذلك نسبة إلى أمير عيوني أو غيره أو رجل يسمى بهذا الاسم ـ بحكم التجاور بينها وبين  ” بني معن ” ، لكني لم أعثر في الكتب التي تحدثت عن الدولة العيونية أو عن المنطقة بشكل عام على شخصية بهذا الاسم .

ثانياً : إن قول ” فيدريكو “يشير إلى أن بعض سكانها نزحوا إلى قرية “بني معن “بعد زوالها كعائلة الموسى والنحوي القاطنين حالياً في قرية” بني معن ” كما سنذكره لاحقاً في حديثنا عن العوائل التي كانت تقطن ” بني نحو “.

ثالثاً : مقالة العبد القادر من كون ” بني نحو” بطن من قبيلة إيـاد .

أقول : إنَّ ( … قبيلة إياد ينتسبون إلى نزار بن معد بن عدنان وقد سكنت المنطقة بعد قيام ملوك الطوائف في إيران … وقد لمع نجم إياد في المنطقة الشرقية بعد أن أجلت قضاعة التي تغلبت على أطراف الواحة وملكوها وأسسوا الدولة التنوخية.

واستمرت قبيلة إياد ذات سيادة ونفوذ كبير في المنطقة حتى وصلت إلى كاظمة في شمال الخليج … ).

لكن الوضع لم يدم كذلك لقبيلة إياد حيث طُردت من المنطقة كما يقول البكري في كتابه ” معجم ما استعجم ” (…إنَّ حرباً وقعت بين قبائل ربيعة فارتحلــت عبد القيس وشنّ بن أفصي ومن معهم فاختاروا الإقامة بالبحرين وهجر وأخضعوا من بها من إياد والأزد وأوثقوا خيلهم بكرانيف النخل فقالت إياد : أ ترضون أن توثق عبد القيس خيلها بنخلكم ؟فقال قائل : عرف النخل أهله فذهب مثلاً ، وأجلت عبد القيس إياد عن تلك البلاد وكانت إياد يقال لها الطبق لشدتهم ولإطباقهم على الناس بعرامهم وشرهم ، فقال الشاعر :

لقيت شِنُّ  إيـاداً بالقنا             طبـقاً وافـق شنٌ طبـقه ).

(…وبـعد خروج إياد ارتحلت إلى العـراق وانتزعت الأراضي من يـد الفرس …).

فهذه الأقوال تشير إلى أن قبيلة إياد قد طُرِدت من المنطقة ، لكن ربما بقيت باقية منهم في الأحساء كقرية ” بني نحو ” وذلك حسب  قول صاحب كتاب ” تحفة المستفيد “.

* تعليق على قول صاحب تحفة المستفيد *

إنَّ قول صاحب تحفة المستفيد محمد العبد القادر لا نستطيع الوثوق به وثوقاً تاماً ، لأنه لم يذكر المصدر الذي استقى منه هذه المعلومة ، وهو قد ذكر تلك العبارة في معرِض حديثه عن الأنهر المتفرعة من عين الخدود ، ولم يذكر القرية في نطاق حديثه عن قرى الأحساء الدارسة ، وإضافة إلى ذلك فإن قوله بأن قرية بني معن سكانها ينحدرون من بطن من بطون قبيلة حِمْير قولٌ فيه نوع من الغرابة؛ حيث لم تشر المصادر التاريخية بأن قبيلة حمير كان لها وجود في هذه المنطقة . وعلى ذلك فنحن نتردد في قبول رأي العبد القادر ونرجح مكانه قول الحاج جواد الرمضان وهو كون معظم سكان قرية بني معن وكذا بني نحو بل وأغلب سكان المنطقة يرجعون في أصولهم إلى قبيلة عبد القيس .

رابعاً : مقالة ” لوريمر” : ( تردت حالة هذا المكان بصورة كبيرة ) تشير إلى ضعف ماء العيون في تلك المنطقة ، ومقالة الجاسر تشير إلى استمرار التدهور الزراعي الكبير في المنطقة بسبب ضعف ماء العيون وتغير وسائل الري بعد قيام مشروع الري والصرف .

وقوله أي الجاسر  : ” وقد أوشكت هذه القرية على الزوال ” ، لا يعني زوال السُكنى فيها ؛ لأن السكان قد رحلوا عنها قبل زيارة حمد الجاسر للمنطقة بأكثر من ستين سنة . بل إنَّ هذا الزوال يعني به زوال الثروة الزراعية والمائية من المنطقة .

الثروة المائية لبني نحو

كانت منطقة ” بني نحو ” تختزن ثروة مائية هائلة ، تتمثل في كثرة العيون الجوفية بها وقوتها . وكذلك كان الحال مع زميلتها منطقة ” بني معن ” ، حيث يقول فيدال : (…وتُعدُ منطقة بني معن وبني نحو أفضل منطقة في الأحساء كلها من حيث مياه الري ، إذ تقع فيها اثنتان من أكبر الينابيع (الحقل والخدود) وعدد من الينابيع الصغيرة (النصيرية ، أم الليف ، أم الخيس ، وغصيبة ، واللويمي ، ومنصور وعيون أخرى ) ، ونتيجة لذلك فإنَّ بساتينها بقيت في حالة جيدة ، ويملك عدد كبير منها تجار بارزون من تجار الهفوف ، فبستان أم الخيس الواقع بجوار نبع يحمل الاسم نفسه يملكه سعد القصيببي ).

وقد أشار الجغرافيون إلى كون المناطق الجنوبية في الأحساء هي الأغنى بالآبار والعيون حيث يقول أحدهم : (…وأغنى مناطق الأحساء في الجنوب حيث تكثر مياه الآبار والعيون…) .

وهذه العيون هي :

1)عين برابر:    ( تُعدُ واحداً من أعظم ينابيع الأحساء المشهورة ، يرى بعض سكان الواحة أنها تتميز بكون مائها الأفضل والأولى .

وهي نبع كبير جداً يضخ الماء المتدفق إلى مسافة حوالي 1.5 كم قرب القرية الصغيرة المهجورة المعروفة باسم بني نحو ) .

ويقول الأستاذ حمد الجاسر : ( … تقع على مسافة مئات ياردات من الهفوف في الاتجاه الجنوبي الغربي من قرية بني نحو) .

ويقول فيها الشاعر السيد عبد الجليل :

فَمَا لِلعَذَارى في عَذَارى وفي الرَّحى    غَــَرامٌ إذا لاحـت لَهُنَّ بَــرابِرُ

ويقول المثل الشعبي : ( إذا فاتك اللبن لا يفوتك ماي برابر ) .

2) عين غصيبة : ( نبع كبير يقع قرب عين اللويمي جنوب عين الحقل ).

ويقول فيها شاعر الأحساء المهاجر الشاعر علي الرمضان :

وإِنْ كَظَكُم حَـرُّ الظَـماءِ فَدُونَكُـم   (غُصيبَةُ)حَيْثُ العَذبُ فَوقَ الحَصى يجري

3) عين أم الخيس : ( نبع صغير يقع جنوب قرية بني نحو وقرية بني معن ، كان يوجد حولها قصر كبير من قصور الإقامة الصيفية في البساتين . وقد زارها ” شيزمان ” ووصفها سنة  1926م ، ولم يجرِ عليها تعديل منذ تاريخ تلك الزيارة ).

4) عين الخدود:  ( تقع في منطقة بني نحو جنوب عين الحقل ).

5 )عين الوطية أو وطية علي : ذكرها فيدال بأنها تقع بجوار عين الخدود .وهي تقع جنوب عين أم الخيس بقرب الطريق إلى بني معن .

6)عين منصور : (نبع متوسط الحجم يُقدر دفعه بحوالي 4000جالون في الدقيقة يقع على بعد حوالي 2كم شرقي الهفوف في منطقة بني نحو ).

7)عين أم الليف : ( تقع جنوب غربي عين برابر ) .

8)عين اللويمي:  ( تقع قرب عين برابر).

9)عين مناه: (تقع على بعد مائة ياردة شرقي أم الليف ) .

10)عين التعاضيد:  (نبع صغير يقع في منطقة بني نحو بين عين (غصيبة )ومنطقة “العمامرة”.

11)عين المشيطية: (نبع صغير جداً يقع غرب قرية بني نحو ) .

12) عين العمارة: (نبع صغير يقع شمال الطريق المؤدي إلى عين أم الخيس وعلى مقربة من عين غصيبة) .

العوائل التي كانت تقطن بني نحو

من العوائل التي كانت تقطن قرية  بني نحو ، عائلة الجاسم والخليفة الساكنتان  في ” الفريج الشمالي “ومنهم الشاعر الشعبي ” كاظم الخليفة “الملقب بـ( الحبيصي ) ، وعائلة النحوي العامة منهم والسادة ، ومنهم السيد هاشم النحوي ، وكذلك عائلة النحوي الذين في مدينة المبرز وقريتي الجفر وبني معن. وعائلة الحليمي التي في قرية الشعبة . وكذلك عائلة الموسى الذين سكنوا محلة  الرقيات وفي بني معن كانوا ممن يقطنون بني نحو ؛ حيث كان هناك مسجد يقع شمال عين أم الخيس كان يؤذن فيه شخص يسمى : ( أحمد الموسى ) في تلك الفترة ، هذا بالإضافة إلى عائلة الصالح .

وكان رجل الدين والمسؤول عن كتابة الصكوك والمبيعات في قرية بني نحو هو الشيخ علي بن حسن بن علي بن حسن بن خليفة الخليفة .

وكانت هناك قرية تسمى : ( أم مازن ) أو ( الموازن ) والتي تنتسب إليها عائلة المازني ، وكانت مجاورة لبني نحو وكانت على صلة معها ، لكن زوالها كان أقدم ولم يتبقى منها الآن سوى مسجد ” جويخ “ والذي يُعرف اليوم باسم : مسجد صاحب الزمان ( عجل الله فرجه ).

ملاحظة : لم أعثر في كل الكتب التي اطلعت عليها والمتناولة لتاريخ الأحساء وجغرافيتها على ذكر لقرية ” أم مازن ”  إلا أن الشيخ موسى الهادي أخبرني بأنه اطلع على وثيقة عثمانية تثبت أن سكان قرية ” أبو شافع “بعد نزوحهم منها قطن بعضهم هذه القرية وكان ذلك في حدود القرن العاشر الهجري تقريباً . كذلك لا يُمكن الوثوق بكل ما ذُكِر في اللوحة التعريفية بمسجد جويخ الموجودة عند باب المسجد لوجود بعض المغالطات .

سبب اندثار بني نحو

إنَّ سبب زوال قرية ” بني نحو ” كما سمعته من كبار العائلة، وكذا ومن الحاج  جواد الرمضان ، هو أن مختار القرية آنذاك المدعو : ( حسين خليفة الصالح) والذي كان متولياً للأوقاف السنية في منطقة بني نحو ، كان شخصاً جسوراً وذو خصومات ، فحدث ذات مرة أن جاءه اثنان من رجال الدولة العثمانية لأمرٍ ما فكلمهم من أعلى السور ، فجرت مشادة في الكلام بينهم فما كان من حسين الصالح إلّا أن قبض على بندقيته فقتل إحداهما فولّى الآخر هارباً إلى الكوت لإخبار المتصرف العثماني بذلك ، فلما عَلِمَ أهلُ القريةِ بذلك أيقنوا بهجوم قوات المتصرف انتقاماً مما فعله مختارهم ، فحملوا كل ما يستطيعون حمله من متاع و هاجروها متجهين إلى كلٍ من قرية بني معن وقرية الجفر والمنيزلة والشعبة ومدينة الهفوف ، حيث أخلوها في غضون ساعات قليلة ؛ لأنها كانت قرية صغيرة .

ولما عَلِمَ المتصرف العثماني بذلك قام بإرسال فرقة عسكرية مزودة بمدفع للانتقام من عمدة القرية ، فلما جاءت إلى القرية رأتها خالية من أهلها فسلطوا نيران مدفعيتهم على بيوت القرية الخالية من أهلها . وقد وقعت هذه الحادثة في العقد الأخير من القرن الثالث عشر الهجري ، الموافق للعقد التاسع من القرن التاسع عشر الميلادي تقريباً .

أي في الفترة الزمنية الواقعة بين عام 1290هـ و عام 1299هـ .وفي الفترة الواقعة بين عام 1870 م وعام 1879 م .

وقد وقعت هذه الحادثة في عهد المتصرف العثماني سعيد بك التركي في ولايته الثانية ، أو في عهد المتصرف سعيد باشا البغدادي في ولايته الثانية .

اشتباه فيدريكو :

هذا وقد وقع فيدريكو في اشتباه أَلبَس علينا في تحديد تاريخ زوال هذه القرية ، حيث ذكر في كتابه : (…ونتيجة لذلك فإنَّ قريتي بني نحو وأوثيلة اللتين أشير إليهما في مصنفات مطلع القرن العشرين كقريتين مسكونتين آنذاك فقد أصبحتا الآن مجرد موقعين مهجورين…).

فهذا النص يؤكد على أن القرية لم تُزال إلا في بداية القرن العشرين الميلادي . وهذا النص يتعارض مع سمعناه من كبار العائلة ومن الحاج جواد الرمضان حول تاريخ زوال القرية .

وفي ظني أنَّ سبب ذلك الاشتباه الذي وقع فيه فيدريكو  هو أنه قد التبس عليه تاريخ تأليف لوريمر لكتابه ” دليل الخليج ” بتاريخ طباعة الكتاب ، حيث كان التأليف قبل عام 1880م تقريباً ، في حين كانت طباعة الكتاب في عام 1908م للقسم التاريخي من الكتاب ، أما القسم الجغرافي فلم يُطبع إلا في عام 1914م.

وإذا أردنا تحديد تاريخ تلك الحادثة على وجه التقريب من خلال الجمع بين الكتب التي ذكرته بالتاريخ الميلادي والتي ذكرته بالتاريخ الهجري ، نقول : إنها وقعت قبل ما يقرب من  118سنة هجرية قمرية ، أي في عام 1290هـ تقريباً . ووقعت قبل 115سنة ميلادية شمسية ، أي في عام 1880م تقريباً .

تعليقات