ما هي اقدم قرى الأحساء ؟





اختلف مؤرخون حول قرى الأحساء من حيث الأقدمية، فمنهم من ذهب إلى أن قرية «المزاوي» (شرق مدينة الهفوف)، وهي قرية لا يتجاوز عدد منازلها 150 منزلاً، صاحبة هذا اللقب، بيد أن مؤرخين آخرين نفوا ذلك مؤكدين على أن قرى أخرى وُجدت قبلها بحسب الكتب التاريخية، ولا يزال الجدل قائماً بهذا الخصوص.

ويعود عمر وجود بعض القرى إلى حقب بعيدة عن فترة ما قبل الإسلام، ووردت في كتب تاريخية كثيرة وكانت موطناً لممالك تواترت على البقاء فيه وترك آثارها للدلالة على ذلك الوجود، ومن جهته يرى الباحث عبد الخالق الجنبي أن «أقدم قرى الأحساء هي تلك المحيطة بجبل القارة الشهير، وذلك من خلال الدلالات الأثرية، والتي ترجعها إلى عصر ما قبل الإسلام بكثير».

ويقول «ذكر معجم البلدان لياقوت الحموي قرى مثل الرميلة والتويثير والحوطة والتي تعد من أقدم القرى في الأحساء»، مضيفاً «المدينتان الشهيرتان في الأحساء الهفوف والمبرز عمرهما لا يتجاوز 700 عام، بينما قرى صغيرة جداً تجاوزت هذا العمر بكثير، وهذا ما يجب أن يدفع الباحثين والدارسين للتعمق في درس تاريخها الذي لا يخلو من القيمة العلمية الكبيرة».

ويوضح الباحث الجنبي أن «كثيرين لا يعرفون عن الأحساء إلا مدينتي الهفوف والمبرز، بينما هناك مدن اندثرت وكان لها الشأن التاريخي ونسيت، ومنها مدينة الجونين، وتقع شمال عين الحارة في مدينة المبرز، وذكرها الشاعر العربي الكبير جرير في بيته المعروف «ومن يشهد الجونين...»، وهي مدينة لقبيلة كندة العربية المعروفة وهي عاصمتها في هجر».

ويقول: «في المقابل هناك قرى اندثرت في الأحساء ومنها قرية عسلج التاريخية، وكانت تقع بين قرية الجبيل والطريبيل، والمشهورة بنخيلها ومقبرتها التي أراد أحد المتنفذين ضم جزء منها إلى مزرعته على الرغم من رفض أهالي القرية، وبعد محاولته تم اكتشاف عظام ورفاة، ما دفع الأهالي لرفع شكوى ضده للمقام السامي الذي أمر بإرجاع جزء المقبرة كما كان».

ولا يزال الجدل الدائر حول موضوع الأقدمية بالنسبة لقرى الأحساء يتردد من وقت لآخر، إلا أن إجماع الباحثين حول القيمة التاريخية لتلك القرى والتي يتجاوز عددها 30 قرية، لا يمكن أن يدخله أي اختلاف، وتعد تلك القرى مادة دسمة للدارسين التاريخيين والمورخين، لكونها منجماً لحضارات تعاقبت على هجر.

وتختفي تحت رمال مدينة العمران (شرق الأحساء) قرى حولها زحف الرمال إلى مجرد ذكرى، حالها حال قرى أخرى انتهت من دون رجعة، نائمة تحت الأرض وهي تحتضن تاريخاً يعود لحقب زمنية ضاربة في القدم، ويقتصر الباحثون والمؤرخون في كتبهم على المرور عليها سريعاً من دون ذكر معالمها وتحديد موقعها الجغرافي بدقة، أو سبب وتاريخ اندثارها.

ويذكر المؤرخون أيضاً اهتمام العثمانيين في القرى الشمالية والتي أفردوا لها لواء مستقلاً وسمي بـ «عيون سنجاغي» أو «لواء العيون» في العام 961م، وقاعدته في مدينة العيون، وكان على قدر كبير من الأهمية من ناحية السكان والرقعة الزراعية الكبيرة، بسبب وفرة المياه وتميز التربة، وكان هذا اللواء ينتج محاصيل زراعية متنوعة.

ولا ينسى المؤرخون أيضاً قرية المزيرعة، وكان يسكنها بنو عامر بن الحارث من بني عبد القيس، ويرجح أنها غرب قرية القرين، وأقيم عليها الآن منازل حديثة، وذكر صاحب تاريخ الأحساء «وجود رسوم قرية كبيرة مجاورة للشقيق، وأيضاً قرية البابة الواقعة بالقرب من قرية المطيرفي، وكانت عامرة إلى ما بعد 1166هـ.

وبقي من قرية البابة بعض أطلال مسجدها بين بساتين قريتي المطيرفي والشقيق، ومن تلك القرى أيضا قرية السحيمية وكانت تقع في المنطقة الزراعية المعروفة إلى الآن بهذا الاسم، وتقع جنوب عين أم سبعة، ويرجع مؤرخون قرية الموازن التي كانت تقع في جنوب قرية القرين أنها من بعض أملاك الشاعر ابن المقرب العيوني.

ويذكر المؤرخ حسين جواد الرمضان في دراسة أعدها حول القرى المندثرة أن هناك إرثاً تاريخياً لم يكتب عنه ومن تلك القرى «قرية أبو شافع وتقع في المثلث المحصور بين قرى المنصورة والمنيزلة والشهارين، وكانت عاصمة الأحساء في دولة الجبريين الذين حكموا الأحساء في الفترة ما بين 850 هـ إلى 950 هـ، وتم تخريبها في العام 1000 هـ، وجاء ذكرها في مخطوطة عثمانية كتبت في 1318 هـ». ويذكر الباحث الرمضان في بحثه وجود قرية اسمها أم البوم، وهي شرق لواء الهفوف ، «ويظن أنها بنيت قبل الهجرة بكثير وهي من المدائن المجوسية»، مرجحاً أن تكون مدتها «2000 عام ولا تزال آثارها وخنادقها باقية إلى الآن».

ويوضح أن «في قريتي القارة والحليلة كانت تقع قرية ناظرة والتي تحولت إلى مقبرة وتقع مقابل مشتل الشيباني»، ويرجع الباحث الرمضان أسباب اندثار هذه القرى إلى عوامل عدة من أبرزها «ضعف التحصين إذ إن بعضها ضعيفة التحصين وغير مسورة، فيلجأ أهلها إلى قرى مجاورة، وأيضاً نضوب مياه العيون والآبار كان سبباً رئيساً من أسباب الاندثار».

ويقول «ابتليت بعض القرى بالأمراض والأوبئة مما دفع سكانها لتركها ونسيانها»، مضيفاً «ويمكن أن يتسبب النزاع والشقاق لاندثار قرية مثلما حدث مع قرية بني نحو التي اختلف فيها عمدتها مع السلطة العثمانية، وحدث بينهما صدام مسلح أدى إلى خوف الأهالي على أنفسهم وهجروا القرية».

تعليقات