اساطير الشرق الأوسط






لقد كان لمصر القديمة تأثير عميق على العامل القديم, ولم يكن الزوار المتوافدين على معبد الكرنك الضخم بحاجة لمعرفة حساب الماضي في عدد التماثل المتناثرة للرهاب الرئيسيينو رقم ان المؤخر الرحالة هيرودوس استخدم هذه الطريقة في القرن الخامس قبل الميلاد, ولاحظوا وجود آثار في كل مكان لأحدى الإمبراطوريات العظيمة والتماثيل العملاقة والمراقد والمقابر والإهرامات والمدن, ويمكن للزائر اليوم أن يشعر بأنه يتطفل على نظام ديني واجتماعي, حيث يسرع به عقله إلى اوائل مستوطنات وادي النيل, نظرا لإمتلاك المصريين طقوسا خاصة, وكذلك لكون نهرهم يختلف عن كل الأنهار الأخرى, فقد لاحز هيرودوس وتساءل " هل قاموا بصنع قوانينهم وعاداتهم بشكل يناقض في أغلبه ما يعتقد به البشر الآخرون, اذ ان النساء في وادي النيل في العهد الفرعوني كن يقمن بالبيع والشراء, ويبقى الرجال في البيت للقيام بالحياكة, والمصريون وحدهم ينسجون إلى اسفل, ويحمل الرجال الأثقال على رؤوسهم والنساء يرفعن الأثقال على اكتافهن, ويرتحن وهن واقفات بينما يجلس الرجال داخل البيوت, وأكلون في الشوارع, ويقول المصريون القدامى أن الأشياء غير مريحة وتعرض الأشياء المريحة للنظر على الجميع ولا توجد نساء مخصصات لخدمة أي اله أول الهة, ويخدم الرجال كل الألهة ذكورا وإناثا, والاولاد لا يعيلون اباءهم ولكن على البنات القيام بذلك, بقى المصريون لعدة قرون بلا ازعاج في واديهم اذ تمثل الصحاري المحيطة بمصر حواجز طبيعية لا يستهان بها لردع العزاة الاجانب, ادرك المصريون ذلك حيث يفرقون بين ارضهم والأرض الاجنبية بان ارضهم هي الارض السوداء والبلدان الاخرى كانت الارض الحمراء الجبلية, فمن فيضان النيل تأتيهم الطمي السوداء التي تعتمد عليها زراعتهم وثراؤهم, والحظ هيرودونس عندما يفيض النهر على الضتين في الريف تصبح كل مصر كبحر وتبقى المدن طافية فوق سطح الماء مثل جزر بحر أيجة, وعندما يحدث الفيضان يلجأ الناس للقوارب عبر الأراضي وليس في القنوات فقط, ولا يربح أناس من التربة مع مجهود ضئيل مثل المصريين اذ تخلصوا من عناء غرف التربة بالمحراث حيث يرتفع النهر بلا مساعدة ويسقي الحقول ثم تبزل المياة وتبذر البذور لقد سيطر النيل على الحياة وكذلك حدد الأرض واعتقد المصريون بأن العامل كان كضفة الأرض المقسمومة في الوسط بواسطة النيل ومحاطة بالمياه والمحيط الدائري وقد مثل المياه الإله نون أو الإلهة مصدر النهر والأمطار وفوق الأرض توجد السماء مرفوعة على أربعة أعمدة في زوايا العالم!!.

أما الفاصل بين النيل الأعلى والنيل الأسفل فهو واد ضيق يمتد 960 كيلو متر إلى القاهرة ومنطقة ممفيس القديمة ويختلف عن جداول الدلتا التي يبلغ عرضها 640 كيلو متر قرب البحر الأبيض المتوسط وقد تم تجسيد هذه الجغرافية في الصراع الاسطوري بين اوزيوس وحورس ضد سيث وكذلك في بناء الدولة الفرعونية, اذ ان الفرعون كان موحدا ويتوج النيل الأعلى والأسفل, وعندما يكون على قيد الحياة يجسد كحورس ابن ازوريس وعندما يتوفي يصبح اوزوريس ملك الراحلين والموتى, أما التحنيط وعبادة الموتى فكانت مرتبطة بأساطير اوزوريس وحورس, ومن القضايا غير المألوف في غرب آسيا فقد انشغل المصريون على عكس غيرهم بعبادة الشمس الأله رع وكا تروي التقاليد فأنه كان أول فرعون على مصر, وكان الاله آتوم خالق العالم, ويقال أن آتوم خلق نفسه أو انه ابن نون, وقد ظه من المياه الأولى في الأزمنة الغابرة على شكل تل, أما عبادة الشمس فقد وصلت إلى قمتها في فترة حم امينوفيس الرابع وهذا الفرعون المعروف باسم " اخناتون " وفرض عبادة الألهة المتعددة التي خلقها الحكام السابقون وركز أيمانه باله واحد هو آتون أو قرص الشمس.

أما اوزوريس فمن الممكن أن يكون ذا أصل أجنبي في الايام الغابرة واصبح فيما بعد مصريا, وظهر كإله محلي حقيقي وملك للموتى, ومثل ازوريس مظهرا من مظاهر الحياة التي شغلت المصريين القدامى, وأن موته المتكرر وانبعاثه يبعث للاعتقاد بان ذلك يعكس فيضان النيل السنوي ونمو الخضروات وذبولها وانحلالها, ولكن اوزوريس يظهر لنا في العالم السفلي كما هو مدون في كتاب الموتى كأعلى ملك في الأبدية وحاكم ازلي حيث يجلس ليحاكم كل فرد في العالم الآخر ويقوم الاله انوبيس وهو ذو رأس ثعلب بتقديمهم للمحاكمة.

ثم انتقل اوزيريس إلى العبادات الاغريقية الأخرى مع بقية الألهة ومن خلال طقوس ايزيس السرية أخت زوجة اوزوريس عرف الرومان هذا الإله شانه شأن سيرابيس حيث تبناه البطالمة كإله الدولة خلال حكمهم لمصرو يبقى اوزوريس من الممثلين الأقل شأنا في الاسطورة الاليزيسية أما في بلاد ما بين النهرين " ميزو بيتميا " فأن وادي الرافدين كان مهدا آخر للحضارة في غرب آسيا, اذا استلهم ملوك سومر سلطتهم من الألهة وهذه الصيغة وضعها ملوك بالبل وآشور, اذا تأتي السلطة الملكية من السماء وتذكر كتاباتهم بأن جمعية الأله كانت تنتخب الحاكم, وفي عهد سومر في الألف الثالث قبل الميلاد, فأن المدينة كانت من ملك الألهة والمعبد هو المكان الذي يعيش فيه الالهة وتعود لملكيته الاراضي المسقية, والملك الدنيوي كان كخادم لإدارة مملكة الألهة , ويعش اللإله في المعبد ويأكل ويلبس وتقد الطقوس له , أما القواعد الدينية للمؤسسات السومرية الملكية فكانت توضح في احتفالات العام الجديد حيث حتفل الناس بزواج مقدس بين الملك وآلهة المدنية المتملثة ي راهبة المعبد, وتشبه الاناشيد التي تنشد في حفل الزواج نشيد الانشاد في العهد القديم, ويظهر ان الملك كاهن يتقمس شخصية تموز اله الخصب وتصبح الراهبة الآلة " أنانا ", ويمثل اتحادهما للمدينة الثراء والقوة والاتفاق, وخلال وقوع بابل تحت سيطرة العموريين وأشهر حاكم بينهم هو المشرع الحمورابي فقد تغيرت العلاقة بين المعبد والعرش رغم اعتبار الملكية مؤسسة مقدسة, وشخصية الحاكم تختلف عن الناس العاديين, اذ ان طقوس المعبد تقلصت بصورة حادة وتقلصت سلطة الرهبان معها مما قاد إلى الحكم الدينوي للمولك الأشوريين.

وأن عدنا إلى سومر, فأن اصل ذوي الرؤوس السوداء كما يسمى السومريون انفسهم غير مؤمكد فيمكن انهم وصلوا من المشرق واستوطنوا فورا قبل 3000 قبل الميلاد في منطقة صحراوي سهلية في الاهوار, وهي مجاورة للخليج واول ما تم تدوينه في لغتهم السومرية وقد استخدموا الرقم الطينية كادوات للكتابة والتدوين واستخدموا القصب لوضع الاشارات المسمارية, وقد طوروا الرقم الطينية, بحيث بدات الكتابة باللغة السومرية والسامية, وبعد مدة انتهى عهد سومر وحل محلهم الساميون الذين انحدروا من الفرات في موجات متعاقبة, ولكن اسهامهم في حضارة وادي الرافدين كان عميقا وبخاصة في حقل الاساطير والدين, وحتى بعد قيام مملكة بابل فإن نقل الافكار عن المصادر السومرية لم يتوقف, وتمت ترجمة اللغة الاكدية ليفهمها الساميون.

وعكس نظامهم الكوني استقلال حضارتهم سقوط الامطار كمصدر للخصب, اذا انتعشت الزراعة على ضفاف النهر وانتشرت بنظام للري, واعتقد سكان وادي الرافدين ان هذه المياه تأتي من مخزن جوفي سمي ابزو ... , وكان هذا العامل المناخي مسؤولا عن الشخصية الدينية السومرية التي اكدت على القوى الطبيعية للأرض بدلا من القوى السماوية إلى السماء والقمر والنجومو كان ذلك واضحا في المعتقدات السامية ,اذ كان الأرض تحت حكم انليل ملك مدينة نفر وكان اقوى اله في هيكل الآلهة السومرية, وبعكس الاسطورة المصرية فأن السومريين نظروا إلى عملية الخلف كعمل متعمد الإلهة لحاجتهم للخبز اليومي , وكذلك كان تشييد المدن بعمل وأمر الهيو بنوا مدنهم حول الزقورة وهي اكوام اصطناعية جبارة من الطابوق واللبن وسكن الآلهة في شرفات الزقورة وتحكي ملحمة الخلف البابلية المعروفة من كلماتها الأولى اذ تبدأ " عندما كنت في العلى مثل اينوما ايلش قمت بخدمة الالهة مما ادى لظهور البشرية, وبالمقابل وعد الالهة بتجديد العالم كل يوم " بينما نرى ان الالة " معات " في مص تمثل التوازن في العالم , ونرى بأن السكان الأوائل لوادي الرافدين انشغلوا باعطاء الأوامر للعالم وكان هناك شيء مضاف في حضارة سومر وبابل وهو مفهوم الصراع الجبار ضد قوى الشر , اذا صارعت الالهة أينانا اله الجبال " ابي ورمي " وقاتل جلجامش الوحش خوادا أو خمبابا في غابة الارز, وصنع مردوخ العالم من جسد تيمات وهو تنين كريه يعيش في الفوضى المائية , وقد انتقل أنليل السومري إلى هيكل الألهة الاشورية – البالية بشكل غريب ومن مميزات سلطة هذا الاله سيطرته على الجو, وقد مثل بالثور الوحشي والإعصار , وهو صانع الطوفان لتحطيم البشرية.

ان التجربة التاريخية لسكان دجلة والفرات لاتشبه تجربة وادي النيل المعزولة اذ كانت تجربة وادي الرافدين عاصفة ومليئة بالتغيير والغزوات الاجنبية والصراع الداخلي, اضاة لفيضانات نهرية العظيمين مما جعل نموذج اسطورتهم تجد لها مخرجا في الصراع الكوني وكذلك التنظيم الإلهي للكون, ولكن مفهوم الصراع ضد هذه القوى التي لا تقهر والوحوش في الأساطير الآشورية – البابلية, شحبت أمام الاعتقاد الفارسي الثنائي للخير والشر والنور والظلمة والملائكة والشياطين, وجاء ذلك في الهضاب الايرانية حيث بشر زرادش بذلك, وتم وضع التفسير الاعيادي للخير والشر في الاساطير جانبا , تم عوز ذلك إل مصدر واحد للوجود يتخطى ويصالح كل المضادات , إن عادة تفسير الاسطورة لم تؤثر على الفرس فحسب بل سكان وادي الرافدين وكنعانو عندما سقطت بابل بيد كسرى فيي عام 539 قبل الميلاد اصبحت منطقة غرب آسيا جزءا من الامبراطورية الفارسية, وارجعت عقيدة زرادشت للعقاب والثواب والبركة الإلهية والخوف من الجحيم إلى رجال خيرين وشريرين في حياة آخرى بعد الموت, وقد اثرت هذه الديانة على الديانتين اليهودية والمسيحية فاليهود المنفيون في بابل وجدوا معتقدا توحيديا اخويا في الديانة الفارسية وصرح اشعيا احد انبيائهم بان كسرى هو محررهم وانه يهوذا الذي دهن بالطيب, أما حول الآخرة " شيول " مكان الموتى المظلم فقد اصبح هناك تفريق بين الماعز والغنم اذ قال دانيال " ان العديدين الذين يسكنون التراب في الارض سيستفيقون في حياة ابدية بينما ينال البعض العار والاحتقار الابدي", وقد تمثل هذا الصراع الابدي في الديانة الزرادشية بين روحين توأمين " سبينتا مينيا وانغرا مينيا " اللتين تحولتا فيما بعد إىل أهر مزد وأهرمان , ووجد مشابه لذلك في رقائق البحر الميت بموجب " مفكرة الانضابط" فقد خلق يهوذا الإنسان ليسيطر على العالم وجعل له روحين ويبقى حيا بينهما إلى وقت الدينيوية وهاتان الروحان هما روح الحقيقة والباطل.

تعليقات