انتشرت المسيحية
تدريجيا, وهي قبل كل شيء حركة روحية واعتقنا أناس من مختلف الطبقات: عمال فقراء
وموظفون ف الإدارات الحكومية بل ورجال مثقفون تجمعهم روح واحدة والسعي رواء حياة
فاضلة كلها مكرسة لعبادة الله والاتصال بالمسيح الحي وخدمة الغير.
ومع انتشار الحركة
وتعدد المسيحيين كان لا بد من تنظيم الجماعات في مختلف الديار التي انتشر فيه
الدين الجديد, فأتخذ الإدارة الكنسية نفس تقسيم المدن والضواحي التي كانت السلطة
المدينة تتبعها, وسهر الرسل ومساعدوهم على تنظيم شؤون الكنيسة الدينية والاجتماعية
وأحوالها الخاصة ثم نصبوا عليها شيوخا وأساقفة ليكونوا لها رعاة ومرشدين.
وعندما ازداد عددهم,
تنبهت الوثنية إلى خطرهم لا لأنهم يتدخلون في السياسة بل لأنهم كانوا يرفضون تقديم
القرابين إلى الإمبراطور الذي كان يعتبر الها, فأشفقت الدولة من الخلاف وتفريق
الشمل وأخذت تدابير لاضطهادهم وارغامهم على الإذعان لقوانين الدولة وصادرت أموالهم
صادرت كنائسهم ونكلت فيهم ووصل الأمر في سوء معاملتهم إلى القائهم للساع المفترسة
في الملاعبة العامة, وبالرغم من هذه الاضطهادات, صمد المسيحيون وتمسكوا بعقيدتهم,
وأخيرا استتب الأمر ودفعت الظروف السياسية قسطنطين إلى اعلان الحرية الدينية, فقد
اصدر في سنة 313 قرارا بالتسامح الرسمي مع الدين المسيحي وفي سنة 325 دعا أول مجمع
عام في نيقية لتحديد نقاط الاختلاف في العقيدة المسيحية.
وفي عهد مجمع نيقية
كانت الوحدات الإقليمية تتجمع كلها في أحلاف على غراء الولايات المدنية, وتعرف كل
منها باسم " ابروشية " وكان في الكنسية الشرقية أربع من هذه الأبروشيات
في أبروشيات الشرق وبنطش وآسيا وتراقيا.
وكانت الأبروشية
تنقسم إلى مطرانيات يرأس كل منها مطران أو مطرانان, وصار كبير الأساقفة أو
المطارنة في كل مطرانية يعرف باسم رئيس الأساقفة.
وكان هناك تسليم عام
بصدارة الكنائس الكبرى, وهي كنسية روما وأنطاكية وضمت إليها الإسكندرية, وكنسية
القدس, وقد وضع مجمع خالقيدونية حدا لإستقلال كنائس بنطش وآسيا وتراقيا وجعلها تحت
أسقف كنسية القسطنطنية التي رفعت إلى مصاف كنسية انطاكية والإسكندرية.
وكان أسقف هذه
المجموعات الكبيرة من الكنائس يمسى بطريكا.
عندما أصبحت
الإمبراطورية الرومانية موالية للمسيحية وأخذ الإمبراطورية يعتبر نفسه حاميا للكنسية,
كانت الكنسية تنظم نفسها على أسس مشابهة للأسس المتعبة في الإدارة المدنية الإمبراطورية.
أما الكنائس التي
كانت خارج نفوذ الإمبراطورية الرومانية فكانت تحلق بأحدى الابروشيات الكبرى ,
فكنسية ما بين النهرين مثلا, الواقعة فيما وراء حدود الإمبراطورية الرومانية, كانت
تعد تابعة لأبروشية نطاكية, ومع ذلك فقد أطلق على كبير اساقفها في تاريخ متقدم,
لقب الجاثليق وهواللقب الذي كان الأمبراطور قسطنطين يطلقه في رسائله على اسقف
قرطاجة, كما كان يطلق الإدارة المدنية على نائب الحاكم الولاية وهو اللقب الذي
يطلقه بروكوبيسوس على رئيس الكنسية الفارسية, وقد أصبح اللقب في آخر الأمر لقبا
خاصا بأسقف سلوقية, واتخذه أساقفة سلوقية بعد الانشقاق النسطوري لقبا خاصا برئيس
الطائفة النسطورية.
تعليقات
إرسال تعليق